أساسيات الزراعة العضوية
مقدمـــــــة:
نتيجة للزيادة المطردة في التعداد السكاني على مستوى العالم ; ولتوفير الغذاء للجميع ; فقد لجأت كثيرا من الدول والشركات الصناعية الكبرى إلى التدخل في الطبيعة ( والتي يتحكم بها الله سبحانه وتعالى وفق توازن محكم ) ; وذلك من خلال بعض الممارسات والمدخلات كالتسميد والمكافحة والتهجين لإنتاج بذور ذات إنتاجية عالية أو مقاومة لنوع معين من الأمراض وغير ذلك من الممارسات التي استعملت فيها المركبات الكيماوية التخليقية ( synthetic additives ) وآخرها الهندسة الوراثية التي لا تزال تثير جدلا واسعا على مستوى العالم . نجد أن هذه الممارسات أو على الأقل بعضا منها قد أدى إلى الإخلال في التوازن الطبيعي أو البيئي ; إضافة إلى ظهور بعض الأضرار على الإنسان والحيوان من خلال تراكم بعض السموم والمعادن في الجسم والتي يظهر أثرها بعد فترة زمنية ; مما أدى إلى لفت الأنظار إلى هذه
المدخلات المستخدمة ; حيث نجد على سبيل المثال بأن كثيرا من الدول قد أصدرت كثيرا من التشريعات للحد أو لمنع استيراد واستخدام أنواعا معينه من المبيدات أو بعض المركبات التخليقية (synthetics ) المستخدمة في الزراعة والصناعات الغذائية.
تشمل الزراعة العضوية جميع النظم الزراعية التي تشجع إنتاج الأغذية بوسائل سليمة بيئيا واجتماعيا واقتصاديا , وتعتبر هذه النظم خصوبة التربة المحلية عنصرا أساسيا في نجاح الإنتاج , وباحترامها القدرة الطبيعية للنباتات والحيوانات والأرض . فهي تهدف إلى جعل نوعية الزراعة والبيئة أقرب إلى الكمال من جميع الجوانب . والزراعة العضوية تقلل إلى حد كبير المدخلات الخارجية ( مستلزمات الإنتاج ) وذلك بالأحجام عن استعمال أسمدة ومبيدات حشرية ومستحضرات كيميائية اصطناعية , وبدلا من ذلك , فهي تمكن القوانين القوية للطبيعة من زيادة المحاصيل الزراعية ومقاومة الأمراض.
وتراعي الزراعة العضوية المبادئ المتعارف عليها دوليا ? التي تطبق من ضمن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والجيومناخية والثقافة المحلية. وببساطة فان الزراعة العضوية هي نظام إدارة متكامل يبدأ من ا لمزرعة وينطلق إلي الوحدات والمناطق الزراعية تحت إشراف الوزارة التي تقوم بالتوجيه وسن القوانين التي تشجع هذا التوجه ووضع التشريعات والمقاييس الخاصة بالزراعة العضوية التي بدورها تهدف إلى المحافظة على الصحة العامة والبيئة والتوازن الطبيعي.
الأهداف الأساسية للإنتاج الزراعي العضوي:
الزراعة العضوية تهدف إلى تطوير نظام زراعي مستدام ? ويبنى الإنتاج الزراعي العضوي على الأهداف والمبادئ التالية وهي جميعا هامة وليست مدرجة هنا وفق ترتيب الأهمية.
-المحافظة على صحة الإنسان.
-إنتاج غذائي ذي جودة عالية وبكمية كافية.
-التعامل مع النظم والدورات الطبيعية بطرق بناءة تعزز نوعية الحياة.
-تشجيع وتعزيز الدورات البيولوجية داخل النظام الزراعي ? وهذا يشمل الكائنات الحية الدقيقة والحياة – النباتية والحيوانية داخل التربة بالإضافة إلى النباتات والحيوانات.
-تطوير نظام إيكولوجي بيئي مائي ومستدام.
-الحفاظ على خصوبة التربة وزيادتها على المدى الطويل.
-استخدام الموارد المتجددة إلى أقصى درجة ممكنة في نظم الإنتاج المطبقة محليا.
-إيجاد توازن متناسق بين إنتاج المحاصيل وتربية الحيوانات.
-توفير الظروف المناسبة لجميع المواشي والدواجن كي تمارس نشاطها الطبيعي مع الاهتمام المطلوب بالجوانب الأساسية لسلوكها الفطري.
-التقليل إلى أدنى حد من جميع أشكال التلوث.
مبادئ وأساسيات التحول الى الزراعة العضوية:
متطلبات التحول:
لكي يعمل نظام بيئي زراعي مستدام على الوجه الأمثل. يجب تنظيم التنوع في إنتاج المحاصيل وتربية الحيوانات بطريقة تؤدي إلى تفاعل بين جميع عناصر الإدارة الزراعية .
ويمكن تحقيق التحول خلال فترة زمنية ? ويجوز تحويل إحدى المزارع خطوة خطوه .
يجب تحويل مجمل إنتاج المحاصيل وتربية جميع حيوانات المزرعة إلى إدارة عضوية.
ويجب أن تكون هناك خطة واضحة عن كيفية المضي بعملية التحول ? ويمكن تحديث هذه الخطة عند اللزوم ? كما يجب أن تغطي جميع الجوانب المتعلقة بهذه المقاييس.
الإنتاج المتوازي:
يجب وضع خطة لتحويل المزرعة برمتها بما في ذلك الحيوانات وفقا لمبادئ ومقاييس الزراعة العضوية وخلال فترة من الزمن.
صيانة وديمومة الإدارة العضوية:
الأرض والحيوانات التي يجري تحويلها يجب أن لا تكون عرضة للتبديل بين الإدارة العضوية حينا والإدارة التقليدية حينا آخر.
إنتاج المحاصيل:
يجب أن تحصل جميع البذور والنباتات المستخدمة في الإنتاج ? على شهادة تفيد بأنها عضوية .
لا مكان نهائيا في الزراعة العضوية للبذور والنباتات المعدلة بطريقة الهندسة الوراثية.
إذا لم تتوافر بذور ومواد نباتية تحمل شهادات تفيد بأنها عضوية? وجب استعمال بذور ونباتات تقليدية غير معالجة كيماويا.
طول فترة التحول:
إن إقامة نظام إداري عضوي وتعزيز خصوبة التربة يتطلبان فترة مؤقتة هي فترة التحول ? وهذه الفترة قد لا تكون دائما ذات امتداد كاف لتحسين خصوبة التربة ? وترسيخ توازن النظام البيئي ? لكنها الفترة التي تبدأ فيها جميع الإجراءات اللازمة لبلوغ هذه الأهداف.
يجب أن تكون فترة التحول متكيفة مع الاستعمال السابق للأرض والوضع البيئي.
التنوع في إنتاج المحاصيل:
إن الأساس لإنتاج المزارع هو مراعاة تركيب وخصوبة التربة والنظام البيئي المحيط وتوفير تنوع في الأصناف مع التقليل من فقد المغذيات إلى الحد الأدنى.
يتحقق التنوع في إنتاج المحاصيل عن طريق الجمع بين:
تعاقب زراعة المحاصيل بمختلف أنواعها بما في ذلك البقول.
تغطية ملائمة للتربة على مدار العام – إذا أمكن – بأنواع نباتية مختلفة.
خطة التسميد:
يجب إعادة كميات كافية من المواد التي تتحلل بيولوجيا والتي من أصل جرثومي أو نباتي أو حيواني إلى التربة لزيادة أو على الأقل الحفاظ على خصوبتها وعلى النشاط البيولوجي لها.
إدارة الآفات والأمراض والأعشاب:
يجب تنفيذ نظم الزراعة العضوية بطريقة تضمن أقل نسبة من الخسائر الناتجة عن الآفات والأمراض والأعشاب الضارة . ويتم التركيز على استعمال محاصيل وأصناف تأقلمت مع الظروف البيئية وبرنامج تسميد متوازن . وتربة خصبة ذات نشاط بيولوجي عال ? دورات زراعية صحيحة ? زراعة نباتات مصاحبة ?أسمده خضراء مع استعمال وسائل العزل المختلفة.
الواقع المحلي والطموحات:
لوحظ في الفترة الأخيرة اتجاه واهتمام واضح لدى كثيرا من المسؤولين بموضوع الزراعة العضوية . ونظرا لظروفنا المناخية الصعبة والتربة الخفيفة الجافة ?التي بدورها تؤدي بسرعة تحلل المواد الدبالية المضافة للتربة ? وضعف النشاط البيولوجي للتربة? فان هذا التحدي يجب أن لا يكون عائقا أمامنا ? وصولا إلى بيئة صحية للإنسان والحيوان وتوفيرا للأموال الطائلة التي تصرف في علاج كثيرا من الأمراض التي لا مجال لذكرها والتي بدأت تنتشر في كثيرا من بلدان العالم في الآونة الأخيرة.
من الملاحظ بأن بعض المزارعين بادروا إلى تطبيق الزراعة العضوية ? وهي بادرة جيده تدل على وعي تام ? ولكن ومع الأسف هناك بعض الممارسات الخاطئة والمحاذير ? يجب علينا التنبيه لها طالما بدأنا في هذا المجال ونحن لا نزال في أول الطريق ونذكر بعضا منها على سبيل المثال لا الحصر.
السماد النيتروجيني (N):
لا مجال لاستخدام السماد النيتروجيني المصنع بالطرق الكيماوية بل يجب الاعتماد على المصادر العضوية وتشجيع النشاط البيولوجي للتربة ومثبتات النيتروجين الحيوية والتركيز على تطبيق دورة زراعية تكون البقول أحد عناصرها الرئيسية.
الفسفور والبوتاسيوم والكالسيوم (P,K,Ca):
يمكن استعمال هذه العناصر بتركيباتها الطبيعية ?وليست بالصورة المصنعة تخليقيا (SYNTHATIC) والتي عوملت كيماويا لتسهيل ذوبانها في التربة.
الإضافات السمادية الأخرى (Organically Additives):
يجب أن تكون بالصورة الطبيعية لها ? ولا تستخدم المخصبات المصنعة كيماويا? وفي حالة استخدامها يجب أن تكون موثقة بأنها عضوية من الجهات الرسمية ذات الاختصاص.
التوصيـــــات:
العمل على إصدار تشريعات خاصة ووضع المواصفات والمقاييس الخاصة بالمنتجات الزراعية العضوية . ويمكن في هذه الحالة الاستعانة بالمقاييس الأساسية للاتحاد الدولي لحركات الزراعة العضوية (IFOAM).
العمل على منع دخول المنتجات ? والمخصبات ? التي تفيد بأنها عضوية إلى الدولة إلا إذا كانت موثقة من أحد الهيئات أو المنظمات الدولية ذات الاختصاص في هذا المجال مثل (FAO , IFOAM , CODA) وغيرها من الهيئات الدولية.
تشكيل لجنة من كوادر وزارة البيئة والمياه لزيارة المزارع التي بدأت في تطبيق هذا النظام لدراسة الواقع لهذه المزارع ? والتوجيه لبعض الأخطاء الشائعة والعمل على تلافيها ?وكتابة تقريرا عن الواقع ووضع التوصيات المناسبة طالما أننا لا نزال في بداية الطريق.